ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة تفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اليوم سنقدم لكم محتوى إسلامي هادف، ودرس تربوي نفيس، فهو تفسير بسيط وميسر للآية الكريمة التاسعة من سورة الحجر في قوله عز وجل: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾. بداية ما سبق ذكره ليست الأيهم كاملة وانما جزء منها فالاي الكاملة كتالي، قال تعالى: و(َالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (9)
في قوله تعالى: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) يقول تعالى ذلك في الأنصار رضي الله عنهم وارضاهم: وهو يصف الأنصار حيث تبوّءُوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) أي انه يقصد ان الأنصار يعطون المهاجرين أموالهم إيثارًا لهم بها على أنفسهم لكسب رضا الله ونيل محبته، ( وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )وأيضا يعني: لو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثروا به من أموالهم على أنفسهم، والخصاصة هي: مصدر، وهي أيضًا اسم، وهو كلّ ما تخلَّلته ببصرك كالكوة والفرجة في الحائط، تجمع خَصَاصَات وخِصَاص حسب علماء اللغه.
مواقف للإيثار الانصار:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أَبي حازم، عن أَبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليضيفه، فلم يكن عنده ما يضيفه، فقال: " ألا رجل يضيف هذا رحمه الله؟ " فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نوّمي الصبية، وأطفئي المصباح وأريه بأنك تأكلين معه، واتركيه لضيف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ففعلت فنـزلت ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن فضيل، عن غزوان، عن أَبي حازم، عن أَبي هريرة، أن رجلا من الأنصار بات به ضيف، فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نَوَّمِي الصِّبْيَة وأطفئي المصباح، وقرّبي للضيف ما عندك، قال: فنـزلت هذه الآية ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) يقول تعالى ذكره: من وقاه الله شحّ نفسه ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المخلَّدون في الجنة. والشحّ في كلام العرب: البخل، ومنع الفضل من المال.
وختاما، اود ان أقول ما ابعدنا اليوم عن تطبيق هذه الية الكريمة والعمل بها، فاليوم الفقراء لا يجدون ما يأكلون، والأغنياء لا ينقون، واسال الله العلي العظيم ان يصلح الحال.
